يمثل الكاتب عبد الرحمن الراشد أنموذجا لظاهرة (الليبراليين الجدد) الذين يتسمون بالتطرف في أفكارهم ، ومواقفهم السلبية من الإسلام ، وولائهم للسياسة الأميركية والإسرائيلية . من أبرز سماتهم أيضا تناقضهم المخيف والتراجيدي مع أبسط مفهومات الليبرالية |
في شهر تشرين الثاني (أيار) 2006 ، حاول عبد الرحمن الراشد تبرير تخندقه في الصف الأميركي والإسرائيلي بحجج متهافتة ، ضمن لقاء طويل متعدد الحلقات أجراه معه الصحافي عبد العزيز قاسم في ملحق (الرسالة) بجريدة (المدينة) السعودية . وقد سأله قاسم أسئلة عديدة ومهمة ، استقى كثيرا منها من مقالات كتبتها في نقد طرح الراشد وكشف تواطئه مع الأجندة الأميركية . لست هنا في مقام الرد على ما جرى في هذا اللقاء ، ولكن سأعرض هنا لمحاولة الراشد النأي بنفسه عن تسويق السياسة الأميركية والإسرائيلية والبحث عن مبررات لها ،في عموده المنشور في صحيفة (الشرق الأوسط) في الثاني عشر من تموز (يوليو) 2004 كتب الراشد مقالا بعنوان (ليس جدارا عنصريا) انتقد فيه من يقولون إن هدف الجدار الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة هو التمييز العنصري ضد الفلسطينيين ، لأن "إسرائيل تستطيع أن تفند دعوى تهمة العنصرية بالتذكير أن أكثر من مليون من "مواطنيها
وزعم الراشد أن معظم عمليات القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة كانت للانتقام لا للقضاء على خصومها ، وهي الذريعة التي طالما استخدمتها إسرائيل ووسائل الإعلام الغربية المتعاطفة معها لتبرير ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية في الأرض المحتلة .
وسعى لتصوير الشعب الفلسطيني بوصفه شعبا كارها للحياة ، عاشقا للعدمية والموت .
انتقد الراشد الانتفاضة الفلسطينية التي كانت "حجارة ومقالع من صبية الشوارع ، ثم أصبحت صواريخ وسيارات مفخخة يقودها بالغون
ووصف المقاومين الفلسطينيين بالمسلحين ، بينما وصف الإسرائيليين الذين يقتلون أطفال فلسطين بالجنود .
هاجم الراشد الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس ، واصفا إياها بالنفاق السياسي ، زاعما أنها وليس إسرائيل من يتحمل المسؤولية عن القتل والدمار الذي يحدث للفلسطينيين .
ودافع عن السياسة الإسرائيلية زاعما أن عودة مشعل "ليست مطلبا عسيرا على الإسرائيليين ، الذين رضخوا لتولي حماس الحكومة ، وبلغوا من الواقعية التعامل مع كل الرموز الفلسطينية الممنوعة سابقا . وإن كان هناك من قد يرفض عودة مشعل إلى بلده ، فعلى الأرجح ليس الإسرائيليين ، بل هم داخل فتح ، وحماس أيضا"
لم يعلق على جريمة قتل الشيخ أحمد ياسين ، إلا بقوله "دعوا الانتقام" لأنه "عمل أعمى ، والحرب لا يكسبها العميان" كما قال(28 آذار/ مارس 2004) ، ولم يعلق ألبتة على استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي . لم يتذكر الراشد أن للشهداء الفلسطينيين أيضا أسماء تسجل وتعلن ، واكتفى فقط بذكر اسم الأميركي بيرغ الذي جاء في ركاب دولة محتلة لغزو بلد عربي وتدميره .
كان الراشد من أوائل الكتاب الذين برروا الاجتياح الأميركي للعراق قبل حدوثه ، ومن الذين دافعوا عنه بعد حدوثه ، ووقف مع المشروع الأميركي في ذلك البلد ، واصفا احتلال الأميركيين له (بالتحرير) .
دافع الراشد عن العدوان الإسرائيلي على لبنان (بالهجوم) وهي نقطة سوداء في بحر انحياز الراشد وقناته للأجندة الصهيونية والأميركية (استقى قاسم هذه الملحوظة التي واجه بها الراشد من مقال سجلت فيه نقدا منهجيا وأخلاقيا لخطاب القناة إبان العدوان على لبنان
لا يمثل عبد الرحمن الراشد وعدد من زملائه في صحيفة الشرق الأوسط وقناة العربية وموقعها (وكذلك موقع إيلاف الأوضح تطرفا والذي يرأسه عثمان العمير ، وكان رئيس تحرير سابقا للشرق الأوسط) سوى بنادق مستأجرة . إن جناية الرجل على الموضوعية والمهنية واحترام ثقافة المجتمع العربي وقيمه الإسلامية سواء في كتاباته أو في رؤاه وسياساته التي يرسمها في قناة (العربية) لهي كبيرة ، وكبيرة جدا . ولا ريب أن التاريخ سيسجل هذه الرؤى والسياسات ، ولكن في صفحات سوداء ، لأنها ببساطة غير وطنية وغير إسلامية ومنبتة الصلة بالواقع . لن تكتب لظاهرة (الليبراليين الجدد) وعلى رأسهم الراشد البقاء والتأثير ، لأن الزبد يذهب جفاء ، وما ينفع الناس يمكث في الأرض . لن يضرونا إلا أذى .
Re: مبروك يا قناة العربية و يا عبد الرحمن الراشد